هل نُربّي أبناءنا بعُقدنا نحن؟ وكيف نكسر دائرة الألم التربوي؟

هل نُربّي أبناءنا بعُقدنا نحن؟ وكيف نكسر دائرة الألم التربوي؟

هل توقفت يومًا وسألت نفسك:
هل رد فعلي الآن مع طفلي… يشبه ما كنت أتمناه من والديّ؟
أم أنه مجرد صدى قديم لشيء لم يُشفَ داخلي بعد؟

في لحظات الغضب، أو الخوف، أو القلق على أبنائنا، نتصرف أحيانًا بطريقة نبررها بالحب أو الحرص، لكنها في العمق تكون امتدادًا لجراح لم نلتفت إليها.
نصرخ لأننا صُرخ في وجهنا،
نخاف عليهم لأننا كبرنا بخوفٍ يشبهه،
ونضغط عليهم لأننا لم نُمنح يومًا مساحة أن نكون على طبيعتنا.

كيف تنتقل جراح الطفولة إلى التربية دون أن نشعر؟

الأب الذي كبر تحت ضغط التوقعات العالية، قد يرى في ابنه فرصة لتصحيح الماضي.
والأم التي لم تجد من يسمعها، قد تفسر تمرد طفلها على أنه رفضٌ لها لا تعبير عن ذاته.
هكذا، تتسلل الجراح القديمة من اللاوعي إلى التربية… بصوتٍ يشبه صوتنا، لكن مصدره ماضٍ لم يُشفَ بعد.

استندا إلى دراسات علم النفس الأسري الحديث،، يوضح الخبراء أن أغلب أنماط التربية السامة لا تنشأ من نية سيئة، بل من ألم غير مفهوم.
حين نخاف أن يُرفض طفلنا، في الحقيقة نحن نخاف من الرفض الذي عشناه نحن.
وحين نفرض السيطرة، فغالبًا لأننا لم نملك السيطرة يومًا.

الوعي هو أول خطوة للخروج من الدائرة

الوعي لا يعني جلد الذات أو تكرار “أنا السبب”، بل يعني أن نفتح أعيننا على النمط المتكرر ونقرر كسره.
أن نُبدّل “أنا أربيه كما رُبيت” بـ “أنا أتعلم معه كيف ننمو معًا”.

التربية الواعية لا تعني المثالية، بل الصدق مع النفس.
أن تعرف أنك حين تصرخ، فأنت لست شريرًا، بل تحتاج دعمًا وراحة.
أن تدرك أن اعتذارك لطفلك لا يُسقط هيبتك، بل يبني احترامًا حقيقيًا بينكما.

خطوات عملية تساعدك على كسر الحلقة القديمة

  1. توقف لحظة قبل رد الفعل
    اسأل نفسك: “هل هذا رد فعل على الموقف الحالي… أم على شيء أقدم؟”

    مجرد هذا السؤال يفتح باب التغيير.
  2. اعترف بمشاعرك دون خجل
    الغضب، الخوف، الإحباط ليست عيوبًا… لكنها إشارات تحتاج إلى فهم.

    تجاهلها هو ما يحولها إلى سلوك قاسٍ دون قصد.
  3. تحدث مع طفلك عن مشاعرك
    عندما تقول له: “كنت متوترة فصرخت، آسفة يا حبيبي”،

    فأنت تعلّمه أن المشاعر تُفهم، لا تُقمع، وأن العلاقة أهم من الخطأ.
  4. اطلب المساعدة عند الحاجة
    من الطبيعي أن يتعب المربي.

    طلب المشورة النفسية أو التربوية ليس ضعفًا، بل شجاعة لإنهاء الإرث المؤلم.

التربية تبدأ من شفاء المربي

لا يمكننا أن نمنح أبناءنا طمأنينة لم نختبرها بعد،
ولا حبًا غير مشروط إن كنا نربط قيمتنا بالنجاح أو الطاعة.
حين نعمل على شفاء أنفسنا، نحن في الحقيقة نحمي أبناءنا من إعادة إنتاج الألم ذاته.

في أكاديمية رتل، نؤمن أن التربية ليست مجرد تعليم أو توجيه… بل رحلة وعي تبدأ من داخل الوالدين.

✨ خذ لحظة اليوم لتسأل نفسك:
هل أربي طفلي كما كنت أتمنى أن أُربّى؟
إن كانت الإجابة “ليس بعد”، فاعلم أن الوعي الذي وُلد الآن… هو أول خطوة في الاتجاه الصحيح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *